الحيوان تحكمه مجموعة من الدوافع والغرائز ، أي إن الله عز وجل خلق في الحيوان دافعاً نحو الطعام ، ألا وهو الجوع ، وخلق في الحيوان دافعاً نحو التناسل ، ألا وهو الجنس ، فالحيوان تحكمه مجموعة غرائز، ومجموعة دوافع ، لكن الله سبحانه وتعالى لأنه لم يكلفه ، ولم يقبل الأمانة ، ولم يتصدَّ لها ، جعل هذه الدوافع وتلك الغرائز منضبطة لمصلحته ، فالحيوان قلّما يمرض ، لأنه لا يأكل فوق حاجته أبداً ، والحيوان يشرب الماء مصاً ، ولا يعبه عباً ، فغريزته تأمره بهذه الطريقة
وقد سماها الأجانب غريزة ، وسماها الله سبحانه وتعالى هداية ، فالحيوان يقوم بأعمال بالغة التعقيد ، بشكل غريزي عفوي فطري ، من دون تعلم ، لأن الله زوده بدوافع ، وزوده بغرائز
* فالدافع نحو الأنثى في أكثر الحيوانات ليس دائماً إلا في مواسم معينة لكي لا يضر نفسه، يأكل طعاما من نوع واحد ، وكمية الطعام ثابتة .
* وهناك أحدهم كان مدعواً على طعام فأكل وشبع ، فدعَوْه ، وقالوا : تطييبًا لخاطرنا كُلْ هذه وترجُّوه لكي يأكل أكثر ، فأكل وأكل حتى كاد ينفجر ، وبعدها ركب حماره ، وهو يمشي على الطريق كان هناك مكان ماء ، فوقف الحمار ، وشرب ، فقال له: تطييبًا خاطري اشرب ، فلم يشرب ، فقال : واللهِ هذا الحمار أعقلُ مني ، وهكذا فالحيوان غريزته لها حدود ، وإذا كانت في الجنس ، أو الطعام ، أو الشراب فهي منضبطة لمصلحته ، فنرى الحيوان إذا مرض يدع الطعام ، والشراب من تلقاء نفسه ، فهو يعالج نفسه بحشائش يهديه الله إليها .
*وأحدهم راقب قطة مريضة ، فإذا هي تنطلق إلى حشيشة على طرف النهر ، فأكلتها ، وكان فيها الشفاء ، فالحيوان فيه مجموعة دوافع ، ومجموعة غرائز منضبطة فطرياً لمصلحته .
والإنسان: نوع آخر..إنه نوع مكرم،هوعبارة عن مجموعة دوافع سماها علماء النفس: حاجات .
* مثلاً: الحاجة إلى الطعام والشراب والجنس و التكاثر والحركة والحاجة للشعور بالأهمية .
* مثلاً : لا يعرف حاجة الحركة إلا من قيّدت حركته ، فالإنسان به مجموعة حاجات ، قد تسمى دوافع - وغرائز - وشهوات - والأسماء كلها مؤداها واحد ، لكن هذه الحاجات - الغرائز - الشهوات - الدوافع عند الإنسان ليست منضبطة فطرياً ، لأن الله عز وجل أكرمه ، وأعطاه إرادة حرة و فكراً ، ولمَّا كان الإنسان مزوداً بفكر يهديه إلى الحق ، و مزوداً بحرية الاختيار ، ولحكمة بالغة فهذه الدوافع أو الغرائز والميول جعلها الله مفتوحة ، وليست محدودة فالإنسان يستطيع أن يأكل متى شاء ، وأن يتصل بالجنس الآخر في كل أشهر السنة ، لا كبعض الحيوانات ، والانضباط هنا يجب أن ينبع من قناعته ، ومن اختياره ، فالآن تبدأ خطورة الإنسان .
الحيوان يمضي حياته في طمأنينة ، وفي دعة ، وفي سلامة ، لأن عملية غرائزه منضبطة فطرياً ، فنلاحظ أن الطائر يشرب ، فلو عب الماء عباً لقتل نفسه بعد طيرانه ، والقطة تشرب الماء على دفعات ، والفرس تمص الماء مصاً ، فلو دققت الحيوانات في طعامها ، وشرابها ، وحركتها لرأيتها منضبطة انضباطاً فطرياً رائعاً ، حيث يحقق هذا الانضباط مصلحتها ، وسلامتها ، وطمأنينتها ، أما الإنسان فشهواته ، وغرائزه ، وميوله ليس لها حدود .
* فالوحش في الغابة إذا كان جائعاً يأكل فريسة ، وحينما يشعر بالشبع يكف عن افتراس الحيوانات الأخرى ، أما حب الإنسان للمال فليس له حدود ، فإذا غرق في الجنس قد ينتحر ، وانغماسه في الشهوات ، وحبه لجمع المال ، وحبه للاستعلاء ، يدفعه أن يستعلي على حياة الناس ، أو على حساب فقرهم ، وذلك لأن شهوات الإنسان غير منضبطة فطرياً .